مجلة اتحاد الكتاب والادباء العرب بقلم عبد القادر فارس
* قصة قصيرة : ( يوميات حمار ) !!
د . عبد القادر فارس
بعد تمحيص وتفكير , قرر كبير الحمير أن يكتب يومياته وذكرياته في مذكرات , لتبقى عبره ودروسا , يُدوِّن فيها ما مر به من أحداث في حياته , لتكون عبرة وتذكرة لباقي الحمير , ممن لا يحسنون التدبير , في زمن بات كل شيء فيه يخضع للتغيير , بعد ربيع البغال والحمير , الذين طالبوا بأكل ما لذ وطاب من الكرز والعنب والعناب , بدلا من التبن والبرسيم والشعير .
جلس كبير الحمير إلى جهاز الكمبيوتر , بعد أن أخذ دورة عند صديقه " البغل " الذي تربطه به صلة قرابة , في مؤسسة " مايكروزفت" لتعليم أصول الطباعة , ولأن الحمير من طبعها الطاعة , فقد تمكن كبير من استيعاب دروس الكمييوتر جميعها في أقل من نصف ساعة , ولأنه سريع الاستيعاب , فقد شحذ ذاكرته , بعد أن شحنها كهربائيا , بوضع كابل سميك من أسلاك الكهرباء , التي كان يستخدمها الانسان في عقاب الحمير عند أي " إحران " أو ذنب , وضع الكابل الشاحن في مؤخرته تحت الذنب , وبعد أن امتلأ بالكهرباء , المفقودة هذه الأيام في الكثير من البلدان , أخذ في تسجيل مذكراته : منذ أن كنت جحشا صغيرا , ووالدي المسكين يوصيني بأن أكون خادما مطيعا للأمير , وللرعية أجمعين , من الكبير إلى الصغير , وقد شاهدت والدي وهو يؤدي الأعمال الشاقة بحراثة أرض الزعيم , المزروعة بكل الخيرات , ثم بعد أن تطيب , يحملها إلى الأسواق , وهو أمام الحاجب يساق , بالسوط والكرباج , دون استراحة في الطريق , ودون التفاف أو اعوجاج , دون أن يتمكن من تذوق أي نوع من تلك الفواكه والخضار , فطعام الخمير ليس أكثر من التبن والشعير, وإذا لم يعجبه ذلك , فيكون أشد العقاب , بالضرب على مؤخرته بالعصا الغليظة , وعلى راسه بالقبقاب , حتى يسمع له على بعد مئات الأمتار نهيق و" ضريط " , من كثرة الضرب والخبيط.
تلك كانت مذكرات وذكريات كبير الحمير , عندما كان جحشا صغيرا , تلك الذكريات التي ظلت عالقة في ذهنه , ولذلك عندما كبر واستفاق , قرر الانقلاب والثورة والانعتاق , بعدما شاهد ما يجرى حوله من ثورات في ذلك الربيع , الذي أتى على الأخضر واليابس , وحرم الحمير حتى من أكلة برسيم , وعندما حضر حاجب الأمير ليصطحبه في مشواره اليومي لقصر الزعيم , كان نصيبه رفسة قوية برجلي الحمار الخلفية , أودت به إلى حتفه المحتوم , والتي بعدها لن يقوم .. بعدها خرج كبير الحمير مزهوا بالانتصار , وقرر التوجه لمجتمع الحمير بخطاب أثير , دعاهم فيه إلى التمرد على أوامر الأمير , والتوجه إلى قصر الزعيم لتوصيل رسالة مفادها , أننا لم نعد من أصحاب السمع والطاعة , وأنه بعد هذه الساعة , لا بد من المعاملة الحسنة للحمير , التي لا بد أن يكون لها نصيب من الحكم , بعد أن تم اختيار كبير الحمير , كزعيم وقائد حكيم وخبير , لجميع الحمير , سيشارك في حكم البلاد دون تأخير , غير أن الأمير , وقد راي هذا التغيير في مجتمع الحمير , قرر وعلى وجه السرعة أن يهرب من القصر , قبل العصر , وأن يتوجه إلى المطار , وعلى أقرب طائرة يطير , قبل ان تستولي الحمير على الحكم , وتصدر عليه الحكم بالإعدام سحلاً بذيل حمار.
وبعد أن استولت الحمير على قصر الأمير في العاصمة , وتمدد حكمها إلى باقي المدن والقرى والأرياف والبلدات , وبدأت تتمتع ما بها من ملذات وخيرات , بينما كبير الحمير , يجلس على كرسي الامارة والرئاسة , يسجل ما حقق من انتصارات , وقد نسي أن الحمير تتمتع بكثير من الغباء والتياسة , فقد غلب على الحمير الكسل والملل , من قلة العمل , وركنت إلى هذا الحال , دون أن يخطر على بالها أي سؤال , بما هو معد لها في قادم الأيام , بعد أن سيطر عليها النعاس والنوم , واصبحت قوما من النيام , بعدما أتخمها اللذيذ من الطعام , فيما كان الأمير الهارب , يدبر أمرا للعودة إلى إمارته , وتحرير البلد من حكم الحمير , وبعد دراسة عميقة أقر البيان , وقرر الاستعانة بأقوى الجيران , ولو تقاسم معهم حكم البلاد , واتفق معهم على الهجوم في يوم معلوم , وبينما الحمير في هناء وسبات , هاجمتهم القوات , برا وجوا بالدبابات والطائرات .. وهكذا سقط حكم الحمير , التي لم تحسن التفكير والتدبير , وعاد الحكم للأمير , الذي استعان من الجيران من تلك البلدان , بكل خبير , وخاصة بعد العثور على كمبيوتر كبير الحمير , وما كتب فيه من ذكريات , لكنها كانت مشفرة بلغة الحمير , ولم يستطيع فكها أي خبير , وهكذا ضاعت مذكرات كبير الحمير, وضاع معها حلم الحمير بحكم البلاد والعباد , دون اذلال أو استعباد , من البشر لمجتمع الحمير !!
د . عبد القادر فارس
بعد تمحيص وتفكير , قرر كبير الحمير أن يكتب يومياته وذكرياته في مذكرات , لتبقى عبره ودروسا , يُدوِّن فيها ما مر به من أحداث في حياته , لتكون عبرة وتذكرة لباقي الحمير , ممن لا يحسنون التدبير , في زمن بات كل شيء فيه يخضع للتغيير , بعد ربيع البغال والحمير , الذين طالبوا بأكل ما لذ وطاب من الكرز والعنب والعناب , بدلا من التبن والبرسيم والشعير .
جلس كبير الحمير إلى جهاز الكمبيوتر , بعد أن أخذ دورة عند صديقه " البغل " الذي تربطه به صلة قرابة , في مؤسسة " مايكروزفت" لتعليم أصول الطباعة , ولأن الحمير من طبعها الطاعة , فقد تمكن كبير من استيعاب دروس الكمييوتر جميعها في أقل من نصف ساعة , ولأنه سريع الاستيعاب , فقد شحذ ذاكرته , بعد أن شحنها كهربائيا , بوضع كابل سميك من أسلاك الكهرباء , التي كان يستخدمها الانسان في عقاب الحمير عند أي " إحران " أو ذنب , وضع الكابل الشاحن في مؤخرته تحت الذنب , وبعد أن امتلأ بالكهرباء , المفقودة هذه الأيام في الكثير من البلدان , أخذ في تسجيل مذكراته : منذ أن كنت جحشا صغيرا , ووالدي المسكين يوصيني بأن أكون خادما مطيعا للأمير , وللرعية أجمعين , من الكبير إلى الصغير , وقد شاهدت والدي وهو يؤدي الأعمال الشاقة بحراثة أرض الزعيم , المزروعة بكل الخيرات , ثم بعد أن تطيب , يحملها إلى الأسواق , وهو أمام الحاجب يساق , بالسوط والكرباج , دون استراحة في الطريق , ودون التفاف أو اعوجاج , دون أن يتمكن من تذوق أي نوع من تلك الفواكه والخضار , فطعام الخمير ليس أكثر من التبن والشعير, وإذا لم يعجبه ذلك , فيكون أشد العقاب , بالضرب على مؤخرته بالعصا الغليظة , وعلى راسه بالقبقاب , حتى يسمع له على بعد مئات الأمتار نهيق و" ضريط " , من كثرة الضرب والخبيط.
تلك كانت مذكرات وذكريات كبير الحمير , عندما كان جحشا صغيرا , تلك الذكريات التي ظلت عالقة في ذهنه , ولذلك عندما كبر واستفاق , قرر الانقلاب والثورة والانعتاق , بعدما شاهد ما يجرى حوله من ثورات في ذلك الربيع , الذي أتى على الأخضر واليابس , وحرم الحمير حتى من أكلة برسيم , وعندما حضر حاجب الأمير ليصطحبه في مشواره اليومي لقصر الزعيم , كان نصيبه رفسة قوية برجلي الحمار الخلفية , أودت به إلى حتفه المحتوم , والتي بعدها لن يقوم .. بعدها خرج كبير الحمير مزهوا بالانتصار , وقرر التوجه لمجتمع الحمير بخطاب أثير , دعاهم فيه إلى التمرد على أوامر الأمير , والتوجه إلى قصر الزعيم لتوصيل رسالة مفادها , أننا لم نعد من أصحاب السمع والطاعة , وأنه بعد هذه الساعة , لا بد من المعاملة الحسنة للحمير , التي لا بد أن يكون لها نصيب من الحكم , بعد أن تم اختيار كبير الحمير , كزعيم وقائد حكيم وخبير , لجميع الحمير , سيشارك في حكم البلاد دون تأخير , غير أن الأمير , وقد راي هذا التغيير في مجتمع الحمير , قرر وعلى وجه السرعة أن يهرب من القصر , قبل العصر , وأن يتوجه إلى المطار , وعلى أقرب طائرة يطير , قبل ان تستولي الحمير على الحكم , وتصدر عليه الحكم بالإعدام سحلاً بذيل حمار.
وبعد أن استولت الحمير على قصر الأمير في العاصمة , وتمدد حكمها إلى باقي المدن والقرى والأرياف والبلدات , وبدأت تتمتع ما بها من ملذات وخيرات , بينما كبير الحمير , يجلس على كرسي الامارة والرئاسة , يسجل ما حقق من انتصارات , وقد نسي أن الحمير تتمتع بكثير من الغباء والتياسة , فقد غلب على الحمير الكسل والملل , من قلة العمل , وركنت إلى هذا الحال , دون أن يخطر على بالها أي سؤال , بما هو معد لها في قادم الأيام , بعد أن سيطر عليها النعاس والنوم , واصبحت قوما من النيام , بعدما أتخمها اللذيذ من الطعام , فيما كان الأمير الهارب , يدبر أمرا للعودة إلى إمارته , وتحرير البلد من حكم الحمير , وبعد دراسة عميقة أقر البيان , وقرر الاستعانة بأقوى الجيران , ولو تقاسم معهم حكم البلاد , واتفق معهم على الهجوم في يوم معلوم , وبينما الحمير في هناء وسبات , هاجمتهم القوات , برا وجوا بالدبابات والطائرات .. وهكذا سقط حكم الحمير , التي لم تحسن التفكير والتدبير , وعاد الحكم للأمير , الذي استعان من الجيران من تلك البلدان , بكل خبير , وخاصة بعد العثور على كمبيوتر كبير الحمير , وما كتب فيه من ذكريات , لكنها كانت مشفرة بلغة الحمير , ولم يستطيع فكها أي خبير , وهكذا ضاعت مذكرات كبير الحمير, وضاع معها حلم الحمير بحكم البلاد والعباد , دون اذلال أو استعباد , من البشر لمجتمع الحمير !!
تعليقات
إرسال تعليق